الجمعة، 12 أبريل 2013

قصة أستاذ كاد أن يفارق الحياة لولا عناية الله تعالى


  • قصة أستاذ كاد أن يفارق الحياة لولا عناية الله تعالى
    يوم رجوع إلى الحياة
    استيقظت هذا اليوم صباحا ، أديت صلاتي ، تناولت فطوري و خرجت متجها إلى المدرسة من أجل يوم عمل جديد.
    لكن أظنه لن يكون يوما كسائر الأيام ؛ فقد كانت ليلته ممطرة ، وصوت الوادي القريب من المنزل و الذي يفصل بين مقر سكناي و المدرسة يُسمع من بعيد. لم ألتق بأحد في الطريق ، حتى المتعلمين لم يغادروا بيوتهم في ذلك اليوم. وصلت إلى ضفة الوادي. رأيت منظرا أعجبني و بقيت لهنيهة أتفرج عليه : مياه كثيرة تجري في النهر بسرعة عالية لدرجة أنه من الصعب المرور إلى الضفة الأخرى. نظرت يمينا و شمالا.الساعة الثامنة صباحا.لا أحد في الموقع. وجدت نفسي في ذلك المكان وحيدا.عندها فهمت أن المتعلمين يعرفون جيدا حالة الوادي و أنهم لن يأتوا إلى المدرسة اليوم.
    إنهم يعرفون أنه خطير جدا حتى التفكير في المرور عبر الوادي و منسوب مياهه مرتفع . هذا ما لم أعرفه ؛ ولا غرابة في هذا ، فأنا وافد جديد على المنطقة و هي المرة الأولى التي أواجه فيها مثل هذا الموقف.
    بعد تفكير و تردد ، قررت المرور إلى الضفة الأخرى بحيث أتوجه إلى المدرسة لتدريس متعلمي الدواوير الأخرى ( أكرض و ترزي ) بعد التأكد من حضورهم .
    حملت محفظتي على كتفي و تأهبت للمرور.
    خطوت خطوة أولى مستعينا بأقرب صخرة في محاولة يائسة للمشي فوق الصخور المنبعثة من وسط المياه . وفي رمشة عين ، وجدت نفسي أغرق وسط المياه المتدفقة بقوة فوق الصخور . سقطت في حفرة بحيث لم أستطع لمس قعر الوادي برجلي نظرا للعمق الكبير و ارتفاع منسوب المياه. المياه بجريانها القوي تدفعني بقوة في اتجاه المصب . 4 إلى 5 أمتار هي المسافة التي استطاع فيها جريان الماء التحكم في جتثي الباردة . مسافة جعلتني أشعر أنها آخر لحظة في حياتي ، خصوصا أن المياه تلطم وجهي بقوة ، وأنا أحاول بكل الطرق إخراج نفسي من هذا المأزق .
    أصبحت من الذاكرين الله كثيرا في تلك اللحظات العصيبة . مرت في مخيلتي صورة جتثي بعد أن تم رميها من طرف الوادي في قرية " ميكارن " التي هي المصب . طرحت على نفسي السؤال التالي : هل من الممكن أن تكون هذه لحظة خروجي من الدنيا ؟ كل هذا و أنا ألتفت يمينا و يسارا لعل أحدهم يظهر من بين الأشجار الكثيفة لينقذ معلم القرية. لا أحد . وكأني لما احتجت المساعدة لم أجد أحدا.
    رغم كل هذا لم أفقد الأمل ، بل حاولت بكل ما أوتيت من قوة ، وبكل ما تعلمته منذ الصغر من سباحة في صهاريج مياه الضيعة... التي ظننت لوهلة أنها لن تفيدني في شيء في هذا الموقف . حاولت إيقاف نفسي عن انجراف المياه.. و نجحت أخيرا .
    فبعد هذه السيناريوهات العديدة ، تمكنت بفضل الله وقوته من السباحة نحو شجيرة استطاعت مقاومة مياه الوادي أفضل مني . وكانت السبب في إنقاذي وإرجاعي إلى الحياة . أمسكت بها ، لا بل قمت بضمها ضمَّ الحبيب لحبيبة طال غيابها. ثم صعدت فوق صخرة قريبة من الشجرة . حينها أدركت أني نجوت مؤقتا ؛ فيجب أن أعود إلى ضفة الوادي خصوصا و أنا أرى نفسي محاصرا بالمياه من كل الجهات .
    استجمعت كل قواي ، تذكرت قفزات spider man في عز شبابه ، وقفزت باتجاه صخرة قريبة من الضفة .
    لقد كانت قفزة ناجحة ، ونجح المعلم في الإمساك بالصخرة والصعود فوقها و بعدها الخروج إلى بر الأمان .
    نظرت يمينا و يسارا ، شمالا و جنوبا ، شرقا و غربا لعلني أضبط أحد المتطفلين وقد تفرج على السلسلة الدرامية المشوقة .. لا أحد . نظرت إلى ثيابي المبتلة التي أصبحت أثقل من زي رائد الفضاء . تفحصت وثائقي الإدارية و كل ما كنت أحمله معي في ذلك اليوم المشؤوم .. كل شيء في مكانه ، لكن كل شيء ضاع ، فحمدت الله فقط لأنني عدت إلى الحياة .
    رجعت سالما إلى المنزل بعد أن أقسمت بأغلظ إيماني أني لن أتحدى الطبيعة بعد اليوم . و إليكم ما استفدته من هذه المغامرة : قوة الطبيعة أقوى من أي قوة عقل أو جسد . هذا درس تعلمته من حياتي .

    حسن دسم
    الجمعة 28 شتنبر 2012
    https://www.facebook.com/hguhbvgtulkjh/posts/501475806574903
المشاهدات:


تعليقات
0 تعليقات

0 commentaires:

إرسال تعليق

أخي / أختي ، لا تتردد في ترك تعليقك