الخميس، 2 ماي 2013

قراءة في مشروع الوزارة حول تنظيم التفتيش

--> بعد عرض السيد الوزير للخطوط العريضة لمشروعه خلال الجولة الأخيرة عبر ربوع المملكة ، أصبح أمام الهيأة , وأمام الوزارة على حد سواء مشروعان ، مشروع مكتوب وهو المشروع الذي اشتغلت عليه المفتشية العامة إلى جانب خلية من نقابة مفتشي التعليم ، ومشروع شفهي وهو المشروع الذي استمع إليه المفتشون من السيد وزير التربية الوطنية ، ومن السيدين المفتشين العامين ، فهل يعني هذا أن الوزارة غير مقتنعة بالمشروع الكتابي كأرضية مشتركة قابلة للإغناء والتطوير ? وإذا كان الأمر كذلك فما هو الخلاف بين المشروعين ?
في اعتقادي أن الخلاف يكمن في المقاربة ، و في المنطلقات والمرجعيات المعتمدة لإصلاح منظومة التفتيش التربوي والمستوحاة من تراكمات التي تجمعت لدى الهيأة .ولمساعدة القارئ على الوقوف على أوجه الخلاف بين المشروعين لابد من الرجوع إلى المنطلقات التي ينبغي أن يستحضرها كل إصلاح يروم تطوير التفتيش التربوي وتفعيله ، والمتمثلة أساسا في الآتي :
1- انتماء جميع المفتشين الى مفتشية عامة واحدة ، واعتبارها مؤسسة قارة تابعة للوزير من جهة، ومستقلة عن جهاز التدبير من جهة ثانية ،لأن الاستقلالية هي التي تضمن لها الحياد والنزاهة والجرأة ، ومن البديهي أن هذه الاستقلالية بعيدة كل البعد عن الزجر وسلطة القرار والاستحواذ على سلطة المراقبة ، لأن هذا المجال له أجهزته الخاصة به ، ونأمل أن يكون دور الهيأة في إطار مفتشية عامة واحدة دورا مكملا في هذا المجال ؛
2- مسايرة التوجه العام للدول صوب دمقرطة أنظمتها باستد ماج مبادئ الحكامة الرشيدة ، كمساءلة ومحا سبة المشرفين على تدبير الشأن العام ؛
3- ، ضرورة إعادة النظر في اختصاصات ومهام هيأة التفتيش ، لتشمل التدقيق والتقييم والتأطير ، قصد تفعيلها وجعلها قاطرة لكل إصلاح منشود ؛
4- تكريس مبادئ حسن التدبير والإلتزام بها في تسيير الشأن العام، من خلال تخليق الحياة العامة، وإشاعة الشفافية والتفاني في خدمة الصالح العام ،واستخدام الموارد المتاحة بطريقة معقلنة.
5 -موضعة هيأة التفتيش في خانة سيرورة مسلسلات الإصلاحات و القرارات ، بدءا من مرحلة التفكير ، ومرورا بالصياغة ، وانتهاءا بالتنفيذ؛
-1-منطلقات ومقاربة مشروع الوزارة : ) سأكتفي بقراءة في مشروع الوزارة ، وعرض نص المشروع المتفق عليه مبدئيا مع النقابة (
بعيدا عن المبادئ المشار إليها أعلاه ، قدم السيد الوزير مشروعه يوم اجتماعه مع الهيأة بالجهة الشرقية باستناده على تشخيص المنظومة من عدة جوانب ، لكن تشخيصه لمجال التفتيش كان تشخيصا سطحيا ، قائما على أحكام مسبقة ، حريصا على عدم استحضار كل التراكمات في هذا المجال من قبيل الوثيقة الإطار والمذكرات التابعة لها ، والتنطيم الحالي ، والميثاق الوطني ، وتوصيات المجلس الأعلى ، واستبعد الحديث عن هوية التفتيش وانتمائه الإداري ، بل استشاط غضبا لما أثار أحد المتدخلين مبدأ الاستقلالية .هذا على مستوى الخلفية التي تتحكم في بناء التصور الذي قدمته الوزارة ، أما على مستوى مضمونه فلا يعدو أن يكون جملة من النقاط التقنية لابد من سردها والتعليق عليها كما يلي :
أ‌- توقيع محاضر الدخول والخروج ، البرنامج الفردي للمفتشين ، أعتبر أن هذه الجزئيات لاترقى أن تكون موضوع اجتماع السيد الوزير مع هيأة التفتيش بكل فئاتها ، لأنها أمور تقنية صرفة ، والسيد الوزير مكلف بالبحث في الأمور الاستراتيجية القمينة بتفعيل الهيأة ،كما أن الهيأة لا تمانع في تفعيل هذه التقنيات لكونها تدخل في مجال تنظيم عملها ؛
ب‌- إثارة نقطة التفتيش ، بدعوى استغلالها من طرف المفتش ، هي حق أريد به باطل ، فالنقطة التي تتحدث عنها الوزارة هي جزء من التقرير ، بل هي تعكس التقرير ، ولا زال النقاش القانوني مطروح في موضوع النقطة ، وإذا كانت الوزارة ترى في الاحتفاظ بالنقطة فلها ذلك ، لأن المفتش في الميدان لا ينبغي اختزال مهامه في النقطة ؛ وقد حسم السيد الوزير أمور هذا الموضوع عند اعتباره أن المفتش يمنح النقطة بتفويض منه ، فإذا ارتأى سحب تفويضه فله ذلك ،
ت‌- استمارات التفتيش التي تحدث عنها السيد الوزير بتوظيف المعلوميات ، شيء جميل ، ولكن المشكل أعمق مما يتصور مهندسوا هذه التقنية ، فنحن أمام إشكال قانوني ، لان التقرير يعتبر وثيقة إدارية ، قد تترتب عنها عقوبات إدارية ، وقد تطلبها المحاكم الإدارية في بعض القضايا التي يلجأ أصحابها إلى القضاء ، مع العلم أن بلدنا لم يصل بعد إلى ترسيم المعاملات والتعامل بالوثائق المستخرجة من الحاسوب ؛ وهناك مشكل آخر مرتبط بتقويم المؤسسة ، فإذا أخدنا مؤسسة ابتدائية فعدد المفتشين الذين يزورونها خمسة حسب الفئات والتخصصات ، بمعنى تتعدد تقارير التقويم ، وقد يزداد التعدد ويتنوع في بطاقات التقويم في الإعداديات والثانويات بعدد التخصصات ؛ وفي هذا الجانب قد تتعارض التقويمات ، وقد تختلف ، من مفتش إلى أخر فأي بطاقة ستعتمدها الجهات المسؤولة على التدخل والمعالجة .
ث‌- أثار السيد الوزير أن تقويم عمل المفتشين يعود إليه ،وهذا شييء رائع نرحب به ، ولكن عملية التقويم تتطلب التعاقد و الإعلان على معايير محددة ؛ بين الرئيس والمرؤوس ؛ طبقا للقوانين الجاري بها العمل في كل القطاعات ،ونفس الشيء يقال على حركية المفتشين التي سيتكلف بتنظيمها السيد الوزير شخصيا ؛
وبناء على ما تقدم يبدو أن المشروع الذي قدمه السيد الوزير هو عبارة عن أمور تقنية صرفة ، منطلق من حسن نيته ، ولا شك أن هذه الجوانب التقنية هي مقترحات في حاجة إلى التدقيق ،وأولى بالسيد الوزير أن يفصل في الأمور الأستراتيجية للهيأة ،باعتبارها مدخلا لمعالجة الملف المطلبي في شموليته .
هذا على مستوى المنطلقات ، أما على مستوى المقاربة التي تبنتها الوزارة فقد ترجمتها اللقاءات التواصلية مع هيأة التفتيش في جل الجهات ، وترتكز في جوهرها على العرض والإلقاء لمجموعة من الأفكار والمقترحات من جهة ، وعلى الإخبار بالقرارات التي ستتخذ من طرف الوزارة ، وبهذا يمكن وضع هذا المشروع في خانة العمل الفردي او المنحصر في مجموعة ضيقة ، بعيدا عن من يهمهم الأمر أتمنى أن تتدارك الوزارة توجهها هذا ، وتفتح استشارة حقيقية في ملف من هذا الحجم ، استشارة مستوحاة من قيم العمل المؤسسي الذي يقوم على عدة مبادئ منها على الخصوص :
- التركيز على أرضية ومنطلقات مشتركة
، وعلى الخطوط العامة، دون المسائل الإجرائية التي تحتاج لمجرد قرارات إدارية بحتة. مع مراعاة منطلقات ومعالم عامة توجه سير خط العمل تتناسب مع المرحلة والسياق العام ؛
- اعتماد لغة الحوار،و التنازل عن الرأي الشخصي حين يعارض رأي المجموعة ؛
1- منطلقات ومقاربة المشروع المتوافق عليه مبدئيا بين المفتشية العامة والنقابة ) أنظر نص المشروع ( :
المنطلاقات :
- الارتباط بالمفتشية العامة إداريا : التعيين –الانتقال-التراسل- التحفيز والتأديب
- تفعيل الافتحاص بمفهومه الجديد
- التكامل بين التأطير والافتحاص
- تقويم عمل المفتش من داخل الجهاز نفسه
- مراجعة التكوين الأساس ليشمل التكوين في الافتحاص الشامل
- العمل بخطة وطنية للتأطير والمراقبة بناء على مبدأ التعاقد مع الجهات والنيابات، وبناء على مواصفات مدققة للمنتوج المنتظر .
الدواعي :
• صعوبة تفعيل الآليات الحالية الخاصة بتنظيم التفتيش مركزيا وجهويا وإقليميا
• غياب هيكلة وظيفية رسمية للمفتشية العامة للتربية والتكوين؛
• عدم التحديدآليات التنظيم الحالي لا تستجيب للتحولات والرهانات المطروحة على المنظومة وطنيا؛
• الدقيق للانتساب الإداري والوظيفي لهيئات التفتيش؛
• رغبة أكثر في التواصل والتنسيق والتأطير والمساندة والدعم الميداني؛
• غياب التغذية الراجعة، وتتبع الأثر؛
• غياب برنامج تعاقدي بين الوزارة وهيئات التفتيش
يمكن المشروع المتفق عليه من:
• ضبط الانتساب الإداري والوظيفي لهيئات التفتيش بشكل دقيق؛
• تحديد المسؤوليات والواجبات والحقوق ؛
• إحكام التنسيق الأفقي والعمودي لمكونات الهيئة
• تحقيق الحياد والموضوعية لمهام المراقبة والتفتيش والتدقيق؛
• ترسيخ ثقافة التعاقد والمساءلة (برامج العمل)؛
• المواكبة والتتبع والتقويم المستمر للمنظومة ؛
• قوة التأثير والمتابعة الميدانية .
• إرساء وتفعيل التوجه العام للحكومة والوزارة القائم على الحكامة ؛
• مراجعة مهام وأدوار هيئة التفتيش (النظام الأساسي) ؛
• تلبية رغبة واستعداد المفتشين للانتساب للمفتشية العامة ؛
• توفير معايير موحدة وواضحة للتحفيز والتعويض على الأعباء
الصعوبات
• التأويل الخاطئ للمقاصد الحقيقية من المشروع الجديد ؛
• ردود الفعل السلبية المحتملة للمصالح الإدارية والجهوية والإقليمية.
• الأعباء الناجمة عن برامج العمل التعاقدية.
شروط نجاح المشروع :
• إرساء هيكلة واضحة للمفتشية العامة للتربية والتكوين
• تحديد وضبط نوعية العلاقة مع المصالح الإدارية المركزية والجهوية والإقليمية
• إعداد دليل مساطر لتحديد وتدقيق المهام والأدوار ومجالات ومستويات العمل والتدخل والتنسيق الإداري والوظيفي
• وضع برنامج عمل سنوي، مصادق عليه من طرف الوزارة، خاص بكل مستويات هيئات التفتيش مدقق زمانيا ومكانيا، وقابل للقياس
• إرساء وتفعيل آليات التواصل والتنسيق والتشاور الفعال، والتتبع والتقويم المستمر
• توفير وسائل العمل المناسبة
خديجة خوزار

المشاهدات:


تعليقات
0 تعليقات

0 commentaires:

إرسال تعليق

أخي / أختي ، لا تتردد في ترك تعليقك