الأحد، 5 ماي 2013

هل يدرك وزير التربية معنى تحول جميع مستشاري التوجيه إلى مفتشين ؟

--> في المحطة الأخيرة للقاءات وزير التربية الوطنية مع هيئة التفتيش بالجهة الشرقية استوقفه في لحظة من اللحظات عدد المفتشين بالجهة خصوصا الذين لا يمارسون التفتيش من أطر التوجيه والتخطيط والتموين . ومعلوم أن التفتيش وفي خريف أيامه صار يمارس بطريقتين بالفعل وبالقوة حيث يوجد مفتشون وأشباح المفتشين . ومعلوم أن عدة تخصصات في التفتيش صارت في متناول كل من قضى مدة زمنية في ممارسة مهمة من المهام في الحقل التربوي .وهكذا عرف التفتيش من يلجه عن طريق المباريات والتكوينات في مراكز التكوين، ومن يلجه عن طريق الأقدمية في مناصب معينة . وكان من المفروض أن تكون مسطرة ولوج التفتيش واحدة بالنسبة لجميع
فعاليات قطاع التربية . فإذا جاز أن يصير المستشار في التوجيه أو في التخطيط أو الممون أو المقتصد مفتشا بعد قضاء مدة زمنية معينة في مهمته، فلماذا يشترط في المدرس وحده أن يجتاز مباراة امتحان ولوج مركز تكوين التفتيش أو على الأقل اجتياز مباراة الامتحان المباشر كما كان الحال زمن الحاجة إلى أطر التفتيش التربوية ؟ فهذا الكلام سيسخط الذين ولجوا التفتيش دون اجتياز مباريات بلا شك . ومع ابتذال التفتيش بهذا الشكل حصل التهافت عليه لدى بعض الفئات خصوصا المستشارين في التخطيط والتوجيه والممونين ، وهكذا انقرض المستشارون في التوجيه على سبيل المثال لا الحصر لأنهم جميعا صاروا مفتشين ، وصار ينطبق عليهم المثل العامي ” أنت أمير وأنا أمير فمن يسوق الحمير ” . ومع أن الوزارة جهزت المؤسسات التربوية الثانوية الإعدادية والتأهيلية بفضاءات للتوجيه وزودتها بتجهيزات مهمة لم يستفد منها غيرهم ، وهي عبارة عن حواسيب وطابعات وآلات استنساخ ومكاتب ليرابط فيها المستشارون من أجل خدمة المتعلمين ، فإنها عبارة عن أطلال يعلوها الغبار، لأن السادة المستشارين لم يعودوا راضين عن مهمة الاستشارة بعد أن حصلوا على إطار مفتشين ، وصار تفتيش التوجيه أمام معضلة مفادها : ” من يفتش من ؟ فإذا كان الجميع مفتشين فمن يفتش ـ ببناء الفعل للمفعول أو للمجهول ـ ؟ . ولقد عاينت نموذجا من هذه الفضاءات يوم أمس وأنا في زيارة لإحدى المؤسسات ، وأدركت حجم الهدر المادي والمالي الذي كلفه التوجيه لميزانية الوزارة خصوصا والدولة عموما دون جدوى أو طائل . فهل يعي الوزير ما معنى إعطاء إطار مفتشين لجميع المستشارين في التوجيه ؟ وهل يعي تناقض مقولة اشتغال أطر التفتيش بالتدبير خلال لقاءاته مع جهاز التفتيش ؟ إن التدبير تدبير والتفتيش تفتيش وبينهما بعد المشرقين ولا مبرر لطبخات تخلط بين الإطار والمهمة . ولقد كان من المفروض أن تسوى وضعية المستشارين في التوجيه والتخطيط ووضعية الممونين ماديا دون أن يكون ذلك عن طريق ابتذال إطار التفتيش . فإذا كانت الوزارة تريد إلحاق المستشارين في هذه التخصصات بالمفتشين ماديا فلا أحد يعترض عليها بل يمكنها أن ترفع مرتبات المستشارين والممونين فوق مرتبات المفتشين إن شاءت ، ولكن لا مبرر لتغيير إطارهم ، الشيء الذي يجعلهم يمتنعون عن القيام بواجباتهم من جهة ، ويتمنعون من جهة أخرى عن الخضوع للمراقبة والتفتيش بدعوى أنهم مفتشون أيضا وأنهم فوق المراقبة والتفتيش . ولا تقدر الخسارة الناجمة عن غياب مستشاري التوجيه في المؤسسات التربوية خصوصا وأن المتعلمين في أمس الحاجة إلى التوجيه بالمعنى الحقيقي للتوجيه الذي لا يقتصر على إطلاعهم على الشعب فقط ، بل يساعدهم على تخطي كل الصعاب التي تواجههم في تعلمهم . ولما كان أطر التدريس لا تسعفهم الحصص الدراسية بفتح حوار مع المتعلمين بخصوص ما يعترضهم من مشاكل في مسارهم التعليمي ،فإن مستشاري التوجيه هم الأطر التي تسعفها جداول حصصها للقيام بهذا الواجب . ومما استغربته وأنا في جلسة مصاحبة مع أطر إدارية وجود برامج لأنشطة توجيهية معلقة على السبورات المرجعية ، وهي لا تعدو حبرا على ورق ، وقد شهد أحد الإداريين الصادقين مع الله عز وجل ومع أنفسهم بأن هذه الأنشطة لا وجود لها على أرض الواقع . فمن العار أن يرضى مستشارو التوجيه أكل السحت من خلال إهمال واجباتهم ، ومن خلال عدم التزام جداول حصص تضبط وجودهم في الفضاءات المخصصة لهم بالمؤسسات التربوية . وأعتقد أن الاستمارة أو ورقة المعلومات التي وزعها الوزير على أطر التفتيش ستكشف له لا محالة عن المفتشين الأشباح من فئة المستشارين في التوجيه والتخطيط والممونين الذين حصلوا على إطار مفتشين دون مزاولة مهمة التفتيش ، ومع وجودهم في مهام التدبير. ولا أعتقد أن الوزير كان غير واع بوجود هؤلاء الأشباح عندما قرر أن يخضع من لهم إطار تفتيش وهم يزاولون مهام التدبير للتفتيش كغيرهم . وبناء على هذا القرار لا بد أن يلتزم المستشارون والممونون الحاصلون على إطار مفتشين والذين من مهامهم التدبير بمهامهم ، وأن يخضعوا للمراقبة والتفتيش . والمسؤولون في الجهات والأقاليم من واجبهم مراقبة فضاءات التوجيه المعطلة في المؤسسات التربوية ، كما أنه على المفتشين الذين يزاولون مهام المراقبة في التوجيه أن يكثفوا زياراتهم إلى المؤسسات التربوية لرصد الغياب التام للمستشارين ومراقبتهم والإبلاغ عن غيابهم وتقصيرهم في أداء الواجب لدى الجهات المسؤولة إقليميا وجهويا ومركزيا . وكفى عبثا بمصالح المتعلمين ، وكفى استخفافا بالمنظومة التربوية ، وكفى تنطعا وغرورا وطلبا للمناصب فوق أقدار من لا يستحقونها ، وكفى استهزاء بالتفتيش الذي صار في حكم السائب حتى طمع فيه كل من هب ودب . وعلى الوزارة أن تتحمل مسؤوليتها وتجلس فعالياتها حسب أقدارها واختصاصاتها ، وتضع حدا لهذه الفوضى العارمة التي خلقتها الوزارة السابقة ، و التي استباحت إطار التفتيش بشكل غير مسبوق . فمن أراد أن يكون مفتشا فعليه أن يشمر على ساعد الجد كما هو حال أطر التدريس ، ويضحي بسنتين من عمره بعيدا عن أهله وولده ، وينفق من ماله على سنتين من التكوين بمركز تكوين المفتشين ، ويثبت استحقاقه لولوجها ، وللتخرج منها عوض أن يلجأ إلى أسلوب القمار وهو أسلوب الأقدمية في منصب يختلف عن منصب التفتيش قلبا وقالبا ليصير مفتشا دون ما يقابل ذلك من استحقاق ومن كفاءة . فمن العار أن يتسمى مفتشين من لم يلجوا التفتيش من أبوابه وإنما تسوروا أسواره ودخلوا من نوافذه راضين بالمهانة والدنية ، وهم مواضيع سخرية واستهزاء في أوساط المفتشين الحقيقيين ، وهم يحاولون التظاهر بتجاهل ذلك ، ويتهافتون على اللقاءات الخاصة بالمفتشين بحثا عن مصداقية ومشروعية مفقودة ، ولا يوجد ما يثبتها . وأعرف جيدا أن هذا الكلام لن يرضي العناصر الانتهازية والوصولية التي تريد المناصب دون جهد ودون استحقاق ، و لهذا أقول لها اشربي أجاج البحار،واركبي ما شئت من خيل فلن يغير ادعاؤك شيئا من واقع حالك . ومن عدم الحياء وماء الوجه جاز له أن يقول ما شاء . ولي عودة أخرى إلى هذا الموضوع للكشف عن حقيقة التوجيه في منظومتنا التربوية استنادا إلى معطيات وحقائق من مصادر مطلعة ومقربة .


عن
وجدة: محمد شركي/ وجدة البوابة
المشاهدات:


تعليقات
0 تعليقات

0 commentaires:

إرسال تعليق

أخي / أختي ، لا تتردد في ترك تعليقك