الأربعاء، 13 مارس 2013

التعليم الحاسوبي: إقصاء للتعليم التقليدي أم تكميل له

التعليم الحاسوبي: إقصاء للتعليم التقليدي أم تكميل له
أنجز الموضوع: عائشة الزياني

شهد المجتمع العالمي خلال الخمسين سنة الماضية- بصورة مذهلة- تغيرات كبيرة مع دخول عصر المعلومات وثورة الاتصالات، دعت التربويين إلى تطوير البرامج التعليمية لتواكب هذه التغيرات في مجال الحاسب الآلي. لذا تعالت الصيحات من هنا وهناك لإعادة النظر في محتوى العملية التربوية وأهدافها ووسائلها بما يتيح للطالب اكتساب المعرفة المتصلة بالحاسوب، وتكييف النظام التعليمي برمته ليتوافق مع عصرا لمعلومات .
فما هي امتيازات التعليم بواسطة الحاسوب عامة – والإنترنت خاصة- مقارنة بالتعليم التقليدي؟ وإلى أي مدى بمكن تعويض التعليم التقليدي بالتعليم الحاسوبي؟ وكأية وسيلة تعليمية حديثة الاستخدام، ألا يحمل التعليم الحاسوبي بين طيات مميزاته، سلبيات نسبية؟

يرتكز التعليم التقليدي على ثلاثة محاور أساسية: المعلم، المتعلم والمعلومة. وقد وجد التعليم التقليدي من القدم و هو مستمر حتى وقتنا الحالي نظرا لما له من إيجابيات لا يمكن أن يوجدها أي بديل، مثل التقاء المتعلم و المعلم وجها لوجه، وكما هو معلوم في وسائل الاتصال، فهذه أقوى وسيلة للاتصال و نقل المعلومة بين شخصين، ففيها تجتمع الصورة والصوت بردة الفعل، وبذلك يمكن تعديل الرسالة وبهذا يتم تعديل السلوك وتحدث عملية التعلم.

ولكن في العصر الحاضر يواجه التعليم التقليدي منفردا بعض المشكلات مثل:
- الزيادة الهائلة في أعداد السكان وما ترتب عليها من زيادة في أعداد الطلبة.
- قلة أعداد المعلمين المؤهلين تربويا للعملية التعليمية .
- الانفجار المعرفي الهائل وما ترتب عليه من تشعب في التعليم.
- القصور في مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب للاضطرار المعلم إلى إنهاء كم من المعلومات في وقت محدد.

ومع بروز مثل هذه المشكلات، دعت الحاجة إلى استخدام وسائل تعليمية جديدة للتخفيف من .آثارها و التحسين من المستوى الدراسي
ومع دخول الحاسوب شتى مناحي الحياة، ولما يتمتع به من مميزات لا توجد في غيره من الوسائل التعليمية. فقد اتسع استخدامه في العملية التعليمية. ومن بين الأشكال التي يستخدم فيها الحاسوب في التعليم نذكر:
- التعلم الفردي: حيث يتولى الحاسوب كامل عملية التعلم والتدريب.
- التعلم بمساعدة الحاسوب: وفيها يستخدم الحاسوب كوسيلة تعليمية مساعدة للمعلم.
- التعلم بواسطة تخزين المعلومات في جهاز الحاسوب ثم الاستعانة بها عند الحاجة.

لقد أجريت دراسات في الدول المتقدمة ( الولايات المتحدة الأمريكية ) حول مستوى التحصيل الدراسي عند استخدام الحاسوب في العملية التعليمية: فتوصلت مجمل النتائج إلى أن المجموعات التجريبية التي درست باستخدام الحاسوب قد تفوقت على المجموعات الضابطة التي لم تستخدم الحاسوب.

و لقد شجعت هذه الدراسات على استخدام الحاسوب في التعليم، بل بدأت هذه الدول المتقدمة بالتخطيط لاستخدام الإنترنت في التعليم. ولعل من أهم المميزات التي دعت التربويين على استخدام هذه الوسيلة:
- التفاعلية: حيث يقوم الحاسوب بالاستجابة للحدث الصادر عن المتعلم، ومن خلال ذلك يمكن مراعاة الفروق الفردية للمتعلمين.
- التعلم التعاوني الجماعي نظرا لكثرة المعلومات المتوفرة عبر الإنترنت.
- استخدام البريد الالكتروني كوسيط بين المعلم والمتعلم لإرسال الواجبات والرد على الاستفسارات.
- سرعة انجاز البحث عن موضوع معين باستخدام الإنترنت مقارنة بالطرق التقليدية.
- عدم التقيد بالساعات الدراسية، فوضع المادة العلمية عبر الإنترنت يسمح للطلاب بالحصول عليها في أي مكان وفي أي وقت.

وفي مقابل هذه المميزات، هناك سلبيات لاستخدام الحاسوب في التعلم، من أهمها افتقاده للتمثل الضمني للمعرفة، إذ أن تواجد المتعلم أمام المعلم يجعله يتلقى عدة رسائل في اللحظة نفسها من خلال تعابير الوجه، لغة الجسم و الوصف و الإشارة و غيرها من طرق التفاهم و التخاطب، بالإضافة إلى أن المعلومات الجاهزة التي توفرها شبكة الإنترنت قد تربي التهاون في نفوس الطلبة، فلا يقوم الطالب إلا بعمليتي النسخ و اللصق ليحصل على بحث جاهز بدون أدنى جهد.

كما أن بعض التربويين يتوجسون خيفة من تعميم استخدام الحاسوب عامة ، وشبكة الإنترنت خاصة،نظرا لإمكانية ولوج الطلبة لأماكن ممنوعة أي مواقع مخلة بالأخلاق.
ويفسر هؤلاء التربويون مخاوفهم باعتبار الحاسوب تقنية مستوردة ذات خلفية ثقافية غربية ، ولعل علاج هذه الخلفية يكون بتوطين المحتوى ، بمعنى أن يستخدم الجهاز كأداة ، وتصمم له البرامج التي تتناسب مع ثقافتنا ، و للتخفيف من سلبياته يجب الاقتصار على استخدامه بوصفه مساعدة للمعلم و ليس إقصاء له.

تعددت و تشبعت الآراء حول استخدام الحاسوب في العملية التعليمية ،وبين تأييد و معارضة اقتنعت العديد من الدول بضرورة تكييف النظام التعليمي ليتوافق مع عصر المعلومات ،دون الإقصاء التام للطرق التقليدية وتصميم البرامج المتناسبة مع ثقافة كل بلد.

وعلى ضوء إيجابيات و سلبيات استخدام الحاسوب عامة و شبكة الإنترنت خاصة في العملية التعليمية ،من المفترض تحقيق الاعتبارين التاليين :
- ضرورة استغلال النظام التعليمي لمكتسبات تكنولوجيا المعلومات.
-العمل على إيجاد الترياق الواقي ضد الأثر السلبي للتكنولوجيا المعلوماتية في الكائن البشري.
المشاهدات:


تعليقات
0 تعليقات

0 commentaires:

إرسال تعليق

أخي / أختي ، لا تتردد في ترك تعليقك